
رمضــان ... ضيف عزيز علينا كلنا كمسلمين... أهلاً بيك يا رمضان ..
في كل عام يُشعل الصدور بنور من الإيمان والخشوع ... دوماً مرتبط بالقرآن، فالصيام والقرآن يشفعان للمؤمن يوم القيامة .. رمضان دوماً دعوة لكل فرد مقصر ليشمِّر وليتقرّب إلى الله بعد البعد عنه بالمعاصي والذنوب .. فالله يقول عن عبده المذنب " فإن تقرّب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن جاءني يمشي أتيته هرولة " يا الله!! .. فرمضان دعوة لكل مقصر أن يلتزم ودعوة لكل ملتزم أن يصير أكثر إلتزاماً ..
حللت أهلا ونزلت سهلا يا شهر البركات .. يا شهر الروحانيات ..
دوماً رمضان مرتبط في الذاكرة بالتجمعات أو بالعامية " اللّمة الحلوة " ..
أذكرك أبي ونحن نتناول الإفطار إلي جوارك .. أدعو لك الله أن يرحمك ويبدلك داراً خير من دارك وأهلا خيرا من أهلك وأن نلقاك في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. اللهم آمين.
أذكرك أبي حيث كنا نتبارى في ختم القرآن الكريم أولا ومن قرأ أجزاءً أكثر .. نعم أذكرك أبي حينما كنا نذهب لنصلي الفجر سوياً بعد السحور .. وبعدها نتحدث قليلاً ونحن في طريقنا للبيت .. أذكرك أبي وأنت تدعُ لي بدعائك الذي أذكر نبرته حتي الآن ويرن بأذني " ربنا يصلحلك الحال يابني" .. لكم أمني أن أسمعك تدعوه لي من جديد !! .. رحمك الله يا خــير أب وأسكنك الفردوس الأعلى .
أذكر رمضان منذ ستة عشر عاماً - حيث كنت طفلاً في السادسة من العمر- حيث كنت معك يا أبي في ليبيا حيث كنت تصحبني لصلاة التراويح ... فأمِّل من طولها وأخرج لألعب أمام المسجد .. فتقول لي لن آخذك معي غداً .. وحينما يأتِ الغد تقول لي لن آخذك .. فألحقك وأسير خلفك إلي أن نصل للمسجد لتفاجأ بي أمام المسجد بعد الصلاة .. كم كانت أياماً جميلة !! عندما أذكرها تدمع عيناي .. وأدعو لك الله أن يرحمك ويبارك في حسناتك ويتجاوزعن سيئاتك ..
أذكر رمضان ونحن في الصف الثاني الإعدادي حيث كنا نخرج علي الطريق أثناء آذان المغرب ونوزع علي راكبي المواصلات المتجهين للبلاد المجاورة تمراً وأكواباً بها ماء الورد .. كم كانت لذّة حينما تعطي صائماً ما يشق به صيامه وتنال أجره ولا تنقص من أجره شيء.
نعم .. إنه شهر الخيرات .. شهر الرحمة .. شهر البركات .. فيبارك الله فيه في الأعمال والأرزاق .. فالله تعالى يبارك هذا الشهر فهو شهر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وفيه تمحي ذنوب العام ما بين رمضان ورمضان إذا ما اجتنبت الكبائر فاللّهم جنبنا الكبائر وبارك لنا في رمضان وتجاوز عن سيئاتنا واغفر لنا وموتانا وموتى المسلمين ...
عادةً كان يأتي رمضان في فصل الشتاء ... لكن تدور السنون وتتغير مواقيت الفصول كل ثلاثون عاماً تقريباً، فقد كانت حرب أكتوبر المجيدة في شهر رمضان في جو حار ومع ذلك نصرنا الله حيث أخذنا بالأسباب وتمسكنا بديننا وكان صوت من يسمع المعركة " الله أكبر" ... فالله أكبر من كل كبير..
هذا هو شهر الصوم أتاكم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهلموا إلي باب الريان ... هلموا إلي جنات تجري من تحتها الأنهار ... فهي دعوة للتقرب إلي الله عزّ وجل أكثرّ...
نعم هي دعوة لك أيها المُقصِّر والمُذنب .. أن تحاول جاهداً الإقلاع عن ذنوبك وعاداتك السيئة ... فإن نجحت في الإقلاع عنها فذاك، وإن لم تنجح فيكفيك شرف المحاولة وثوابها ولكن عليك أن تعمل جاهداً وتعقد النية والعزم الأكيد علي العمل الجاد..
نعم رمضان دعوة إلي كل شخص لتهذيب سلوكة، فإذا سبك أحد أو شتمك فلتقل إني صائم وليس ذلك ضعفاً بل معناه أني صائم لذا أرتفع بنفسي عن الرد عليك وأحتسب الأجر عندالله لإجتنابي ما نهي عنه.
رمضان دعوة لتارك الصلاة .. ليصلي .. ويرجع لرحمة الله قبل فوات الأوان وقبل أن يأتِ يوم يقول رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت.
رمضان دعوة لصلة الأرحام ولو برسالة قصيرة علي هاتفك المحمول تقول فيها فقط " كل عام وأنتم بخير" .
رمضان دعوة للحب .. ودعوة للخير بكل المقاييس.
إخواني.. في الفترة القادمة سأنشغل عنكم وذلك لإنشغالي بالمذاكرة إستعداداً لامتحان نهاية العام في مادة الباطنة بعد عيد الفطر مباشرةً ...
لذا أرجو منكم أن تعذروني ولا تنسوني وتدعو لي بالتوفيق . ومن جانبي سأحاول وبإذن الله أن أكتب بالمدونة موضوعات في وقت فراغي ولكن إن لم أستطع فرجاءً اعذروني .. وادعو لي جميعاً بالتوفيق وربنا يستر..
وختاماً كــل عـــام وأنتــم بخـــير.. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
ومبـــــارك عليكم الشهر.
وإلى أن نلتقي لكم مني كل الود والتحية والسلام.